امرأة في مهمة لكشف فضيحة دولية في Oranges and Sunshine

على الرغم من أن حياة “مارجريت همفريز” كانت مستقرة إلا إنها اضطرت للذهاب إلى طبيب نفسي تحت إلحاح زوجها، فوجدت الطبيب يقول لها إنها تعاني من كرب ما بعد الصدمة وعليها أن تستريح، رفضت ما قاله الطبيب وقالت له“هذا كلام فارغ لم أتعرض لشيء، هم الذين الذين يتعرضون لكرب واضطراب ما بعد الصدمة وليس أنا”، فما كان من الطبيب إلا أن قال لها:“الأهتمام بآلام الآخرين ومشاكلهم من شأنه أن يولد توترا داخليا”.. فما الحكاية!

يروي فيلم Oranges and Sunshine أو “البرتقالات وشروق الشمس”-إنتاج 2010- قصة حقيقية وقعت أحداثها بين بريطانيا وأستراليا في ثمانينات القرن الماضي، حيث وجدت عاملة الشئون الإجتماعية “مارجريت همفريز” نفسها تواجه فضيحة إرسال الحكومة البريطانية للآلاف من الأطفال من أصحاب البشرة البيضاء إلى أستراليا في الفترة بين 1947 إلى 1970، وكان هؤلاء الأطفال إما من المقيمين في دور الأيتام أو المنتمين إلى أسر فقيرة، كما تعّرض العديد منهم إلى الاعتداء الجنسي بالإضافة إلى عملهم في مزارع تمتلكها منظمات تنتمي إلى هيئات كنسية، مع تواجدهم في ظروف معيشية قاسية، وكان على “مارجريت” أن تساعد الآف من هؤلاء الأشخاص، الذين أصبحوا بالغين على إيجاد عائلاتهم السابقة في ظل رفض حكومي من بريطانيا واستراليا للاعتراف بما حدث من الأساس!

يمتلئ الفيلم بالعديد من المشاهد القاسية التي يروي فيها هؤلاء الرجال والنساء وقائع معاناتهم كأطفال في أستراليا، بعد أن أخبروهم أن أمهاتهم ماتوا وأن عليهم أن يهاجروا إلى أستراليا من أجل الإنضمام إلى أسر جديدة، لكن الحقائق المروعة أكتشفها هؤلاء الأطفال فيما بعد، واختبروا حياة قاسية لعقود قبل أن يبدأوا في البحث عن عائلاتهم الأصلية في بريطانيا، وعن طريق المصادفة وجدت العاملة المجتمعية “مارجريت” نفسها بمساعدة زوجها مدفوعة لمساعدة هؤلاء الناس، ومضطرة في الوقت نفسه لترك أولادها ومنزلها والتنقل لسنوات بين أستراليا وبريطانيا لإيجاد أي معلومات عن العائلات الأصلية، كما إنها كشفت في وسائل الإعلام عن هذه الفضيحة وواجهت محاولات عديدة لإرهابها من أجل التوقف وعدم توريط منظمات كنسية في هذه الفضيحة، التي لم تعتذر بريطانيا وأستراليا عنها إلا مؤخرا!

لنعود إلى ما قاله الطبيب النفسي إلى مارجريت عندما ذهبت له تحت إلحاح زوجها “الأهتمام بآلام الآخرين ومشاكلهم من شأنه أن يولد توترا داخليا”، على الرغم من إن مارجريت نفسها كان لها حياة هادئة ومستقرة مع أطفالها وزوجها الذي تحبه وهو نفسه يدعمها في مساعيها من أجل لم شمل الأسر ويتحمل غيابها، إلا إن عملها على قضية تهجير الآلاف من الأطفال البريطانيين قسريا إلى أستراليا وسماعها لما تعرضوا له، وحزنها على من لم يجد عائلته منهم قد دفع بها في دائرة المرض النفسي، ووجدت نفسها تعاني من موجات داخلية من الغضب كما إنها أصيبت بآلام في القلب كما تساقط شعرها، وكان الطبيب محقا في تقديره لحالتها، فقد توحدت “مارجريت” مع الناجين تماما حتى بدأت هي نفسها تشعر بنفس الآلام التي يشعرون بها، خاصة وإنها كانت بمثابة عائلتهم والوحيدة التي اهتمت بما تعرضوا له وسعت من أجل تعويضهم ونزع إعتراف من الحكومة والمنظمات الكنسية بالانتهاكات التي حدثت لهم عبر عقود، وتحملت هي في سبيل ذلك العديد من المخاطر وكادت تفقد حياتها!

“مارجريت” هي شخصية حقيقية، تتكرر حالتها مع العديد من الأشخاص حول العالم من “أصحاب القضية”، الذين يضعون هموم الآخرين قبل همومهم ويتحملون مسئوليات عظيمة ويقفون بمفردهم في مواجهة قوى أكبر منهم، تحاربهم وتهدف للقضاء عليهم، لكن إرادة هؤلاء الأشخاص الداخلية هي التي تنتصر في النهاية لكن مع خسائر يجب عليهم تحملها في سبيل قضية أعظم.

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

%d مدونون معجبون بهذه: