نادية الجندي “صوحفية” تحارب الإرهاب بالحب والفساتين المثيرة!

في إطار مشاركتها في الحرب على الإرهاب في ثمانينات القرن العشرين، أدت الفنانة نادية الجندي دور البطولة في فيلم “الإرهاب”-إنتاج 1989، وجسدت فيه دور صحفية ترأس قسم الحوادث بمؤسسة أخبار اليوم، تؤمن بأن “البحث عن الحقيقة وتنوير الرأي العام” صلب عملها، لكن في سعيها للبحث عن الحقيقة والتنوير لا تتوقف عن اضحاكنا، في فيلم من المفترض إنه مغرق في الجدية؛ نظرا لطبيعة القضية التي يناقشها، ولكن “عصمت” برؤيتها لعمل الصحفية قد حولت القصة إلى دراما هزلية مع لمحات رومانسية، بالطبع كان يجب أن تقع الصحفية في الحب وهي تبحث عن الحقيقة!

يبدأ الفيلم من مكتب “عصمت”، تتلقى اتصالا هاتفيا بأن هناك حادث تفجير قنبلة في مكان ما، تذهب سريعا إلى موقع الحادث، تلتقط الصور، ثم تجد نفسها أمام مسئول أمني يتفقد الموقع، فتقول له بثقة: أنا عايزة تفاصيل كاملة عن الحادث (بعد وقوعه مباشرة!) لكن الرجل نافذ الصبر يخبرها أن هذا ليس وقت الحديث إلى الصحافة “الوزارة هتصدر بيان هيتم توزيعه على الصحفيين”. صمتت وتركته يمضي!

(علاء) الصحفي بجريدة منافسة يقول لمدير الأمن، عن وصول “عصمت” إلى مكان الحادث مبكرا: هي إما شغالة معاكم إما مع الإرهابيين، والاحتمال التاني أرجح”، لكنه سرعان ما يركب سيارتها وهي في طريقها إلى المستشفى لمقابلة المصابين، ويدور حوار مضمونه: ده أنا هستتك، مش تسيبك من الشحططه دي، دي شغلانة رجالة، والسيدة التي ترسم على وجهها ملامح جادة، ترد: هما فين الرجالة دول مش واخدة بالي! ينتهي المشهد بأننا قد أدركنا المعنى التالي: امرأة جميلة، زميلها يرغب في الزواج منها، وهي ترفض لإنها قد مرت بتجربة زواج فاشلة ولا تريد تكرار التجربة!

في إطار بحثها عن من وراء تفجير القنبلة، ذهبت إلى المستشفى التي وصل إليها الجرحى والمصابين، خبأت “عصمت” كاميرا تحت ملابسها، وارتدت زي ممرضة، وأخذت تلتقط الصور لمريض تُجرى له عملية جراحية (!)، ثم خرجت تدفع مالا لممرضة لتحاول معرفة كم رصاصة اخترقت جسد الوزير المصاب! ضحك ممزوج بالاشمئزاز.

بعد أن بحثت عن الحقيقة، في موقع الحادث والمستشفى، وأرسلت فريق قسم الحوادث في اتجاهات عدة، عادت إلى الجريدة، تقترح على مدير التحرير أن ينشر نداء إلى المواطنين، بأن أي شخص لديه معلومة عن الحادث يتقدم إلى جهات التحقيق أو إلى الجريدة “ونحن في انتظاره”، وبالطبع توافد العشرات على الجريدة، ومعظمهم جاء للإبلاغ عن أقربائهم أو جيرانهم!

نقطة التحول في حياة الصحفية المشهورة “عصمت عبد العزيز” جاءت عندما هاتفها شخص اسمه “عمر الصناديلي”-فاروق الفيشاوي، هو نفسه الشخص الذي نشرت “الأهرام” صورته على إنه “الإرهابي” الذي يقف خلف التفجير، واختارها هي بالتحديد، رغم إن صحيفتها لم تنشر صورته ولم تذكر أي معلومات عنه؛ بحجة إن “الأهرام صعب يكذب نفسه”، لكن ما لم يقله إنه ربما يكون اختارها هي لقناعته أن المرأة يمكن استمالتها عبر مشاعر الحب، حتى لو كانت صحفية، فقرر أن يجعلها في صفه لتدافع عنه أمام وزارة الداخلية والصحف الأخرى، وأي جهة تعتقد أن هذا الشخص هو “إرهابي” فعلا، وهو ما حدث بالفعل، أصبحت “عصمت” الدرع الذي يختبىء خلفه ضد الجميع!

نجح “عمر” في أن يقنع “عصمت” بأن تأتي إلى منزله، وترى والدته وابنته، حكي لها كيف ان قوات الأمن تستهدفه، وإنه تعرض للتعذيب، وأن أي جريمة إرهابية تحدث تتهمه قوات الأمن بإنه يقف خلفها، هذا غير إن يوم الحادث بالتحديد كان يزور طبيب ابنته، في منزل قريب من مكان التفجير. الطبيب أكد لها صحة ما قاله لها “عمر”، ووجه لها عتابا من نوعية أن: عيب الصحافة إنها تكتب أي كلام، وبتهلل لأي حاجة، في كل الدنيا المتهم برىء حتى تثبت إدانته، إحنا عندنا هنا بالعكس، الواحد دايما متهم ومطلوب منه طول الوقت إنه يثبت إنه برىء. السؤال هنا: لماذا صدقت “عصمت” عمر وطبيب ابنته، لماذا لم تحاول أن تكون موضوعية، وتحقق خلف المزاعم كل أطراف القضية؟!، لماذا حاولت تصوير ابنة “عمر” الصغيرة، بحجة إنها ترغب في التأثير في الرأي العام ليصدقوا روايته هو بالتحديد!

فجأة أصدر النائب العام قرار بوقف النشر، لكن “عصمت” قررت تكمل وتتحدى القرار (!) أصبحت تدافع عن (عمر) في كل مكان، تحولت من صحفية إلى محامية لـ عمر الصناديلي، وعندما طاردته الشرطة بحثت له عن مكان يختبئ فيه، شاليه على البحر مملوك لزميل لها، الشخص نفسه الذي تقدم للزواج منها ورفضته، مما يعني إنها لم تكتفِ بتوريط نفسها بل ورطت “علاء” معها أيضا، جعلت نفسها مسئولة عن (عمر) وتوفير تأمين مناسب له من رجال البوليس ووقفت في الشاليه تقول لنفسها:”إيه اللي أنا بعمله ده يا ربي”.. أه صحيح إيه ده (ده غير إنها وقفت تقول لمدير الأمن: أنت ناسي إن أنا صوحفية ورئيسة قسم الحوادث)!

مع الوقت، يكتشف المشاهد إن “عمر” له وجه آخر لا تعرفه “عصمت”، هي تعرف فقط إنه فنان، مظلوم، تعرض للتعذيب، الشرطة تطارده، كل حادثة إرهابية تعتقد أجهزة الأمن إنه المخطط لها، لكن ما يكتشفه المشاهد أيضا إنها مع الوقت لم تعد تسانده لإنه “مظلوم” أو لاعتقادها في براءته، بل إنها وقعت في حبه، وتحولت مساندتها له إلى مساندة امرأة تقف خلف الرجل الذي تحب، لذا كان من السهل أن يستغلها، أصبحت واحدة من مساعديه إلى أن طاردتها الشرطة!

هنا تظهر المشكلة نفسها التي لمسناها في أفلام مصرية سابقة، تظهر فيها شخصية الصحفية، أنه بمجرد أن تدخل المرأة في علاقة عاطفية تتوقف عن ممارسة عملها، تصبح حياتها بالكامل مسخرة من أجل الرجل، وفي فيلم “الارهاب” تحولت “عصمت” من صحفية نشيطة إلى مرحلة أن يلومها رئيسها على غيابها “عايزين عصمت بتاعة زمان”، أصبحت “عمياء” فيما يتعلق بـ عمر، الكل مقتنع إنه “إرهابي”، أما هي فتدافع عنه لدرجة أن تصفع زميلها على وجهه لإنه قال لها رأيه فيه!

يحاول فيلم “الإرهاب” أن يقول ببساطة، أن الرجل باسم الحب يمكن أن يجعل المرأة تفعل أي شيء من أجله، حتى إنها تخالف القانون، وفي حالة “عصمت” مخالفة القانون حلقة من سلسلة طويلة من الأخطاء التي ارتكبتها منذ أن وقعت في حب “عمر”، أما نهاية الفيلم فهي نهاية تليق بفيلم أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه “متواضع”، نهاية تليق بممثلة تريد أن تمارس كل الأدوار في الفيلم الواحد، تعمل وتنجح، جميلة، يدور حولها الرجال، قوية وصاحبة نفوذ، أنثى مثيرة للغاية (!)، وإذا خرجت الأمور عن السيطرة قليلا، تعود وتمسك بالزمام من جديد وكأن الفيلم هو فيلمها بمفردها وكل الشخصيات بجانبها كومبارس متكلم!

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

%d مدونون معجبون بهذه: